عدد المقالات 282
عندما يمتزج طيفا الوصف، وتتقن عدسة الشاعر نمطَي التصوير، ويجتمع الوجهان: التشبيهي والتصويري في لسان واحد وبيان، يفيض الشعر حسناً على حسن، وتشعُّ عدسة الشاعر بالأُبّهة.. وهنا نتذكر شاعراً رقيق الأحاسيس، مشفق المشاعر، ضعيف شغاف القلب، إنه أبو صخر الهذلي الذي ينوء بحبّ عليّة، ويرزح تحت تكاليف عشقها الباهظ، وكعادة الحسان في الإعراض عادة عليّة، وكعادة الشعراء في الشكوى عادة أبي صخر الذي تفوق على غيره برهافته وذوبان كيانه أمام المحبوبة بحسب ما صورته عدسته، إذ يقول: وإِني لتَعروني لذكراكِ نفضةٌ كما انتفضَ العصفورُ بلّله القطرُ قد تتجاوز هذه الحالة مرحلة الوله إلى مرحلة الخشوع، حتى إن ذكرى الحبيبة لا تبقى حبيسة في فؤاده مكنونة في روحه، بل يتسبب في رعشة لبدنه، ما كان لنا أن نتصورها لولا أنه صوّرها بمثلها أو بأحسن منها، لقد شرح الشاعر رعشته بحيث لا يمكننا شرحها بعده، وبسّطها حتى ساغت وتماهت مع الأفهام، فلا أبرح قصيدته قبل أن أريكم صورة أخرى له يقول فيها: تمنيتُ من حبي عليّةَ أَننا على رمَثٍ في البحر ليس له وَفرُ فنقضي همومَ النفسِ من غيرِ رَقْبةٍ ويُغرقُ مَن نخشى نميمتَه البحرُ هذا من طرافة التصوير، أن يعجز الشاعر أمام حدود الواقع، وتستحكم به قيود العرف وتغلق دونه أبواب الوصال، فيعمد إلى خياله ليصنع عالماً يتخطّى فيه كل العوائق ويتمطّى فيه كما شاء، وهنا تمنّى أبو صخر مركباً في البحر لا يتسع إلا له ولعليّة، ويغرق حولهما الرقباء والواشون، ثم يتمّ له حظّه من حبيبته ويضحك له سعده معها ويجمعه الدهر بها على صيغة لا فراق بعدها.
هل تعلم أنَّ لكل بيت مكونين رئيسين؟ وهل حاولت معرفة الشبه بين البيت والإنسان؟ وهل حاولت معرفة متى يكون البيت حيًا ومتى يكون ميتًا؟ إن البيت مكون رئيس من مكونات حياتنا، جعله الله لنا سكنًا...
آن للفرح أن يعم أرجاءنا، ولنسائم البهجة أن تنعش أرواحنا، وللزغاريد والأهازيج أن تطرب أسماعنا، ولدموع امتزجت بالأُنس أن تكحّل أجفاننا، وللذة الإنجاز والنجاح أن تتوج سعينا واجتهادنا. نعم، إنه النجاح، إنه لحظة الحقيقة لكل...
كلّ مّنْ يُذكِّرك بالله في قوله، ويريك ذلك في تعامله وأخلاقه وطباعه، فهو تجارتك الرابحة في دنياك الفانية الكاسدة، فنحن نحتاج كثيرًا إلى الذين يتواصون بالحقّ ويتواصون بالصبر، فواقع الحياة بات صعبًا، غاصًّا بالفتن والاختبارات،...
كل مشكلة ولها حل، ولكن هناك مشاكل يصعب حلّها، وقد يكون حلّها الوقت، وهناك حلول تخفّف الضّرر، وقد يكون الحل؛ أن تصل لوضع بدائل، فتكون بمثابة دوائر موصلة للهدف والغاية. فمثال نعيشه جميعاً هو: أنّنا...
هل غزا جسمك يوماً ألم شديد عِفْت فيه طعامك وشرابك وفراشك؟ وهل أظلمت حياتك يوماً بسبب وجع ألم بكَ، جسدًا وروحًا؟ وهل عجزتْ قدرتُك عن مواجهة (فيروس) أو كائنٍ لا يُرى بالعين المجرّدة، شلَّ جسدك...
في الإسلام كنوز ونفائس عظيمة، دعانا الله إليها في كتابه من دون أن يفرط بشيء منها ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ﴾، وأوصى بها نبيّه الكريم الذي نقلها إلينا بكل إخلاص وأمانة وحبّ. وبلوغ هذه...
تمضي الحياة، ونمضي معها، والحال في تقلّب وتبدّل وتغيّر، وكما قيل: «دوام الحال من المحال»؛ فتارة نكون في سعة، وتارة أخرى في حنق وضيق. وقد تدلهمّ بنا الوقائع، فنشعر بأفياء القلق تَسدل علينا ظلال الشؤم...
في هذا الكون الرحب، لدينا أحلام يعجز عن وصفها المقال، ونشعر بأنها بعيدة المنال، تحول بيننا وبينها أهوال. وقد نمر بضائقة أو مشكلة، فنشعر بأنها لحياتنا مكبِّلة، وأننا معها نسير في طريق مسدود. هنا نتوقف،...
من تجليات عظمته جلّ في علاه على خلائقه، عطاؤه اللامحدود، منقطع النظير، فيكرم الصغير والكبير، والغني والفقير، والمعافى والعليل، والمتعسّر والمتيسّر، فقد قال في محكم التنزيل: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ...
أتدرون ما مخُّ العبادة؟ إنه الدعاء، فقد قال رسولنا عليه السلام: «الدُّعاءُ مُخُّ العِبَادَةِ»، والدعاء علم، بل هو من أجلِّ العلوم وأنفعها، كيف لا، وهو موّجه إلى ملك الملوك، ومالك الملك، المعطي، المُنعم، القادر. فجدير...
يقول عليه السلام: «نعمتان مغبون بهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، حديث شريف يمثّل قاعدة فكرية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. هل تفكرنا يومًا في أهمية الفراغ الذي نعيشه؟ وهل فكّرنا...
قيل: «المرء قليلٌ بنفسهِ، كثير بإِخوانه»، ومعلومٌ أن زمان اليوم ليس زمان بطولات أفراد، بل بطولات مجموعات وجماعات. وما أحوجنا إلى إدراك ذلك في خضمّ حياة، اليوم، وزحامها ومشاغلها، التي بتنا نرى فيها تباعدًا واضحًا...