في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب.. الدكتور محمد بن حسن المريخي: استبشروا بالشهر الفضيل استبشروا بكل خير فيه

alsharq
محليات 09 أبريل 2021 , 08:20م
الدوحة - العرب

قال فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن حسن المريخي: عباد الله شمروا عن سواعد الجد واستعدوا للقاء ضيف ربكم الذي ينزل عليكم بعد أيام بعد يومين أو ثلاثة، واستبشروا بالشهر الفضيل، استبشروا بكل خير فيه، وثقوا في ربكم وادعوه مخلصين له الدين يكشف عنكم البلاء والأمراض والأسقام، فإن الصيام ترفع به الدرجات وتضاعف به الحسنات وتكفر به السيئات وتحط الخطيئات، ويشفع الصيام والقرآن لصاحبه، والعمل الصلاح هو الرصيد الحقيقي الذي ينبغي أن يعتني به الإنسان، وها هو رمضان موسم من أكرم المواسم لزرع العمل الصالح واغتنام العمل الصالح فيه.

وأضاف الخطيب في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب.. فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم اتقوا الله ربكم وخالقكم ورازقكم ومدبر أموركم، المتفضل عليكم له الحمد والمنة والفضل والشكر عدد خلقه ورضا نفسه ومداد كلماته وزنه عرشه.

وأردف: أيها المسلمون .. مع دورات الأفلاك وتقلبات الأيام ترتجف قلوب المؤمنين وتتسارع دقات أفئدة المخبتين، وتتطلع الأنظار والأبصار إلى كريم فضل الله، وعظيم عطائه وكبير منحه ومننه، فالأعمار قصيرة مهما طالت والأيام سريعة مهما أبطأت، والدنيا مدبرة والآخرة مقبلة، فاستقبلوا المقبل ولا يشغلنكم المدبر فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله.

وأوضح الشيخ محمد المريخي: أيام قريبة وساعات قليلة ويهل علينا هلال رمضان بإذن الله، هلال أعظم الشهور وأفضل الأيام وأعظم الليالي، تستقبل الأمة شهر رمضان وكلها آمال وأمنيات ورجاءات تتوجه بها إلى ربها ليصلح حالها ويدفع عنها أعداءها والظلمة والحاسدين، ويكشف عنها البلاء والأمراض ويرفع عنها ما نزل بها وشغلها وشق عليها، لأن رمضان إطلالة خير وبشرى وأيامه فرائد قلائد الأيام  جبهات الأعوام وهو ملء أسماعنا وأبصارنا وحديث منابرنا وبضاعة أسواقنا وحياة مساجدنا وسمو أرواحنا وبهجة قلوبنا، أنزل الله تعالى فيه القرآن ومن صام نهاره وقام ليله غُفر له ما تقدم من ذنبه، ليلة فيه خير من ألف شهر فهو كنز المتقين وبهجة السالكين وراحة المتعبدين، جدير بأن يُستقبل شهر رمضان بما   بما يليق بعظمته ومقامه وقدره، ويلبسه ثوب الشرع الإسلامي ويبرئه مما لا صلة له به، فله الاحترام والتبجيل والرفعة، ضيف الله أرسله لعباده المؤمنين يُستقبل الشهر بالطاعات والعبادات وتلاوة القرآن ومجاهدة الأنفس وطرد الشياطين والعزم الصادق والنية الخالصة والتوبة النصوح، الصيام هو أعظم ما شرع الله تعالى في شهر رمضان بعد الطاعات الدائمات، الصيام عبادة عظيمة ينبئ عن عظمتها ما أخبر الله ورسوله عنها فهي عبادة عالمية "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" ليبلغ العبد بها أعلى الدرجات وأرفع المنازل، درجة الصيام "لعلكم تتقون" اختبر الله تعالى بالصيام عباده فأفلحوا فأثنى عليهم ووعدهم بكبير الجزاء، هي حرمان من أهم ضرورات الحياة فأمرهم الله تعالى بترك الطعام والشراب والشهوة وأعانهم فبلغوا ما يحبه الله تعالى ويرضاه "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" ووعدهم بكبير العطايا و جزيل الثواب "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، وذلك لما في الصيام عباد الله من الإخلاص لله والصدق معه والصبر ابتغاء مرضاته عز وجل، كما جاءت السنة النبوية لتؤكد هذا الفضل وهذه المنازل وتبشر أهل الصيام والقيام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وأي فضل عباد الله أعظم من أن تغفر ذنوب الإنسان" قال صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة وحصن حصين من النار" وفي الحديث "ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام رمضان فأسقاه ورواه".

 وأكد الخطيب أن الصيام ترفع به الدرجات وتضاعف الحسنات وتكفر به السيئات وتحط الخطيئات، ويشفع الصيام والقرآن لصاحبه يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه، إلا أن هذه الفضائل يا عباد الله تتطلب مداراة الصيام وحراسته من ما يجرحه ويخدشه ويضعف أجره وثوابه وينال منه من المفطرات الحسية والمعنوية والمحرمات والمحظورات فلا يصلح ما يفعله البعض من إطلاق زمام الجوارح تشرّق وتغرّب في المنهيات والممنوعات ولا كأنه في شهر رمضان،  منهيات ومحظورات ومحرمات حرمة أبدية يقتحمها البعض في شهر رمضان، فإن في الناس يا عباد الله من يصوم عن الأكل والشرب ولكنه يطلق جوارحه تصول وتجول في النظر والسمع المحرم واللسان المشرق والمغرب في الغيبة والنميمة والسب والطعن وانتقاص الناس واحتقارهم والباطل والفحش والبذاءة ولا يتورع عن الأغاني والمزامير والباطل والخلق السيء، يقول صلى الله عليه وسلم: "رُب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" ويقول: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

وبين الخطيب أن شهر رمضان شهر القرآن، فما أحوج الناس للالتفات لكتاب الله ومدارسته خاصة في هذه الأزمان التي زاغت فيها القلوب واستوحشت فيها الأرواح وطغت المادة والدنيا على الناس واغتر كثير من الناس بزخرف الحياة وتجرأ البعض على دين الله بسبب غروره، وأمور كثيرة سيئة نزلت بالناس لبعدهم عن القرآن، القرآن يا عباد الله ورمضان فرص للبناء والترميم وتعديل الحال والسلوك، تعديل الفكر والثقافة المغلوطة والتصرفات العوجاء وارتخاء حبل الدين عند البعض وتشويش العقيدة والانقطاع للدنيا وحب من أبغضه الله، وكره من أحبه الله وتسمية الحق باطلا وتسمية الباطل حقا والوقوف في مواقف الضد والتصدي لما يريده الله تعالى.

 ونوه بأن رمضان فرصه للصلة والتراحم والإصلاح والاعتذار وتصفية النفوس وتنقية القلوب والتسامح وفتح صفحات التقارب والمودة خاصة بين الأرحام، والعودة إلى الاجتماع والصلة فالوالدان والإخوان والأخوات والأرحام والأقرباء والخلان، ونسيان الماضي وطرد الشيطان والعدو والمفسد.

وحث الشيخ محمد المرخي المسلمين قائلا: استبشروا عباد الله بالشهر الفضيل، استبشروا بكل خير فيه، وثقوا في ربكم وادعوه مخلصين له الدين يكشف عنكم البلاء والأمراض والأسقام ويحبط مخططات الأعداء ويفشل نيات الفاسدين، استبشروا بالشهر بكل ما تحبون باعتدال الحال والأحوال وذعب المكدرات وهلاك الأعداء ونجاة المخلصين ونزول الفرح والبشارة "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ".

 فيا أمة الإسلام اتقوا الله تعالى وشمروا عن سواعد الجد واستعدوا عباد الله للقاء ضيف ربكم الذي ينزل عليكم بعد أيام بعد يومين أو ثلاثة، رمضان عباد الله بما يحبه الله ويرضاه استقبلوا شهر رمضان بما يليق باستقبال الضيوف الكرام الغالين الذين يريدون إليكم من ربكم الرحمن الرحيم.

أيها المسلمون اجتهدوا في العمل الصالح فإن الدنيا غرارة والنفوس عباد الله أمارة بالسوء والأعمار تنقضي الإنسان لابد له من لقاء الله لابد له من مغادرة هذه الدنيا والموت ولا ينفع الإنسان عباد الله إلا عمله الصالح، إذا مات الإنسان لقي ربه عز وجل فإن كان قد أحسن فله البشرى وإن أساء عياذا بالله فلا يلومن إلا نفسه.

ولفت الخطيب إلى أن العمل  الصالح هو الرصيد الحقيقي الذي ينبغي أن يعتني به الإنسان، وها هو رمضان موسم من أكرم المواسم لزرع العمل الصالح واغتنام العمل الصالح فيه، العمل الصالح يا عباد الله آية من آيات الله عز وجل يتمناه الكافر، الكافر يتمنى عند الموت يتمنى العمل الصالح يقول الله تعالى: "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت"، عند الاحتضار عند الموت لم يتذكر شيئا أبدا لم يتذكر مالا ولا زوجة ولا ولد ولا ملكا، تذكر العمل الصالح لأنه قد تبينت له الحقيقة أنه لا ينفع إلا العمل الصالح تمناه "قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون".

وأعظم من هذا عباد الله يتقلب الكافر في النار، ويتمنى العمل الصالح، وقد أدرك الحقيقة يقول الله تعالى: "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير" جاءكم محمد عليه الصلاة والسلام وجاءكم الشيب وجاءتكم الأمراض وجاءتكم الأحوال التي تتقلب في الدنيا لتذكركم بلقائنا "أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير"، الله الله يا عباد الله في اغتنام شهر رمضان بالعمل الصالح، كم من إنسان كان معكم وبينكم ينتظر معكم شهر رمضان ولكن المنية حالت بينه وبين أن يدرك شهر رمضان، فها هو رمضان يطرق أبوابكم فالله الله في العمل الصالح وفي التقوى وفي تجديد الأمر مع رب العالمين وفي مقابلة رب العزة سبحانه في رمضان بالصيام والقرآن والعمل الصالح، الله الله في تجديد الحال والرجوع وإنابة إليه والاعتذار إليه، أسال الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يبلغنا رمضان سالمين غانمين.