الحرب وتداعياتها وسبات دولنا العربية

كالعادة تشغل مواقع التواصل الاجتماعي موضوعات ساخرة عن غنائم الأوكرانيات وجمالهن والزواج منهن، ناسين متناسين المواضيع المهمة، نتمنى صحوة للعقول النائمة الهائمة الغائبة عن المخاطر التي تهدد المستقبل والخوف من حروب ومجاعات قادمة خاصة في دولنا العربية كافة. مع اندلاع شرارة الحرب وبدأت الأرقام التي توقعناها المخيفة حول مدى اعتمادنا كعرب على صادرات القمح الأوكراني والروسي لتوفير احتياجاتنا.. هل فكرنا في بدائل وهل نستطيع ضمان توفير ما نحتاجه وهل يا ترى فكرنا بهذا وهل انتشر هذا بوسائل التواصل الاجتماعي؟. للأسف معظم الدول العربية تعتريها حالات استنفار وخوف بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وهناك دول عربية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة فقط تزرع القمح، ولكن اعتمادنا كدول عربية على ذلك مهدد لأمننا الغذائي.. والأوكراني والروسي تكاليف استيراده ونقله كانت أقل تكلفة من الأمريكي وغيره. ومع توقف شحن الحبوب من المرافئ الأوكرانية بعد اندلاع الحرب وتأثر المرافئ الروسية بالعمليات العسكرية القريبة منها، إضافة إلى فصل عدد من البنوك الروسية عن نظام سويفت للدفع وتمويل التجارة العالمية، هنا سنجد غالبية التوقعات في حدوث نقص عالمي في الإمدادات خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة على الأقل. ولا نتناسى ارتفاع أسعار البترول والغاز وتكاليف النقل والتأمين وصعوبة التحويلات المالية إلى روسيا ستقود بشكل أوتوماتيكي إلى ارتفاع التكلفة ومعها أسعار البيع والنقل. والسؤال هنا، ما الدول التي يمكن أن تحل محل روسيا وأوكرانيا في حل استمرت الأزمة وانقطعت الإمدادات من هناك؟ وهل توجد بدائل؟. معنى ذلك العودة لهذه الدول السابقة التي كنا نستورد منها وهي فرنسا وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين ودول أخرى في تأمين وارداتها من القمح والحبوب الأخرى. ومن تداعيات الحرب تبدو الحاجة لإعادة طرق أبواب هذه الدول بسرعة من أجل سد أي نقص قد يعرقل توفير رغيف الخبز، ففي بلد مثل لبنان على سبيل المثال لا يكفي الاحتياطي الحالي من القمح سوى لشهر ونصف الشهر، وتعاني معظم الدول العربية الأخرى من ضعف طاقة التخزين. هنا نعود وننبه الأمر ليس مستداماً، ونعلم موازنات معظم الدول العربية لن تستطيع الصمود في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وستعاني المزيد من العجز وقد تحدث فوضى وتعم المظاهرات وتعود الثورات لغلاء رغيف الخبز.. ما زلنا نقول ونعيد زراعة معظم المحاصيل الإستراتيجية بالدول العربية فاشلة وتحتاج إعادة صياغة وليس سياسات لامعة. لدى الدول العربية أراض تصلح للزراعة لو اتحدت سياساتها لأغنتنا نحن الدول العربية جمعاء، ولكن إهمال زراعات إستراتيجية كالقمح أدى إلى تدهور هذا الإنتاج وزاد من الاعتماد على الخارج بشكل دراماتيكي. لذلك تحتاج الدول العربية لسياسات زراعية ينبغي أن يُعاد النظر فيه رأساً على عقب، بحيث تُعطى زراعة الحبوب أولوية قصوى في الدعم الحكومي بمختلف أشكاله. لابد من سياسة لدعم شراء المحصول الزراعي، وتطوير بذور مقاومة للجفاف وتقديم القروض الميسرة لتوفير مستلزمات الإنتاج، توجد دول عربية جربت سياسات دعم مختلفة خلال سنوات سابقة وحققت الكثير من النجاحات. نتفق جميعاً أننا نحتاج خططاً إستراتيجية واعدة لهذه المرحلة، وتكاتف الدول العربية مجتمعة حتى لا نرى ما لا تحمد عقباه.